اللاجئون الأفغان في إيران… ترحيل وإعدامات غامضة
في وقت بدأت باكستان تنفيذ المرحلة الثانية من إخراج اللاجئين الأفغان، حذت إيران حذوها بوتيرة أقل. وفي البلدين تتواصل عمليات قمع اللاجئين الأفغان وترحيلهم طوال العام، مع تسجيل تعرّضهم لمعاملة قاسية وانتهاكات.
باتت قضايا اللاجئين الأفغان في باكستان وإيران تطغى على كل القضايا الأخرى التي تشهدها الساحة الأفغانية. ولا يشمل ذلك ترحيل سلطات البلدين هؤلاء اللاجئين وإرغامهم على الخروج من البلدين، بل أساليب التعامل القاسي معهم، والتي تحصل بوتيرة مستمرة ومن دون أي ضوابط تظهر النيات الحسنة لسلطات البلدين تجاههم.
وخلال مناقشته قضية اللاجئين الأفغان في إيران مع السفير الإيراني في كابول، حسن كاظمي، في 24 إبريل/نيسان الماضي، طالب نائب رئيس الوزراء في حكومة حركة “طالبان”، الملا عبد الغني برادر، طهران بالتعامل بشكل جيد مع اللاجئين الأفغان، ووقف عمليات إخراجهم عنوة.
وشدد الملا برادر على ضرورة تشكيل لجنة تضم مسؤولين من البلدين من أجل وضع خطة لعودة اللاجئين الأفغان، وحلّ القضية بطريقة مشرّفة تحفظ الكرامات. وأكد ضرورة إجراء حوار بين الطرفين من أجل إيجاد حل للقضية.
لكن قضية ترحيل اللاجئين الأفغان من إيران لا تثير وحدها قلق الأفغان، بل أيضاً قضية الإعدامات التي نفذتها السلطات الإيرانية أخيراً في حق لاجئين أفغان أدينوا بتهم القتل وتهريب المخدرات.
واشتكى أفغان كثيرون من المحاكمات التي خضع لها أولئك الأفغان، وسأل بعضهم “كيف يمكن أن توفر إيران التي تسلب أدنى حقوق اللاجئين الأفغان، محاكمات عادلة للمتهمين في قضايا جنائية؟ هذا أمر صعب للغاية، ما يفرض التشكيك في قرارات الإعدام، وشفافية ونزاهة المحاكمات”.
يقول محمد نصير الدين، الزعيم القبلي في مديرية شين دند بولاية هرات غرب أفغانستان المحاذية للحدود مع إيران، لـ”العربي الجديد”: “كل ممارسات دول الجوار، تحديداً إيران وباكستان، في حق اللاجئين الأفغان مشبوهة ولا يمكن الاطمئنان إلى دوافعها وأهدافها، ونحن لا يمكن أن نجزم بصدقية التهم التي قادت إلى إعدام اللاجئين الأفغان في إيران”.
ويطالب نصر الدين المؤسسات الحقوقية والأمم المتحدة وحكومة “طالبان” بأن تنظر في قضية إعدام إيران لاجئين أفغان بتهم تهريب المخدرات والقتل، ووصفها بأنها “خطيرة للغاية، فنحن لا ندري هل التهم صحيحة، كما لا يمكن أن نقبل ما تقوله السلطات الإيرانية التي تقتل بالضرب الشباب الأفغان الذين يعبرون الحدود من أجل العمل في إيران وكسب لقمة العيش. ما تنفذه إيران ظلم وضيم، ولا بدّ من وقف ممارسات القمع”.
ويقول المحامي الأفغاني محمد شفيع لـ”العربي الجديد”: “أعدمت إيران في ظروف غامضة 14 لاجئاً أفغانياً منذ بداية العام الحالي، ولا يعرف أحد كيف أجريت المحاكمات، وهل حصلت في ظل تكليف محامين الدفاع عنهم. كان يفترض أن يحضر مسؤولون أفغان المحاكمات، لكن ذلك لم يحدث. الأفغان مظلومون، واللاجئون في إيران يعيشون تحت ضغط كبير، ومحاكمتهم بهذه الطريقة غير منصفة، خاصة أنها تجري بعيداً عن الأنظار”.
وكانت منظمات حقوقية في إيران كشفت إعدام 14 مواطناً أفغانياً على الأقل داخل سجون إيران منذ مطلع العام الحالي، وذكرت أن لا أحد يعرف تفاصيل القضايا وخفايا المحاكمات التي أجريت.
وفي 20 إبريل/نيسان الماضي، أفادت منظمة “هنجاو” لحقوق الإنسان التي تتخذ من كردستان إيران مقراً، بأن خمسة سجناء أفغان أعدموا في سجون مركزية في مدينتي مشهد وتبريز، ما رفع إلى 14 إجمالي عدد الأفغان الذين أعدموا في سجون إيرانية منذ مطلع 2024. وأشارت إلى أن الأشخاص الـ14 أعدموا بتهمتي القتل وتهريب المخدرات.
وتعدم إيران عشرات الأفغان داخل السجون سنوياً، غالبيتهم بتهم تهريب مخدرات وقتل، في حين يستغرب أفغان كثيرون صمت حكومة حركة “طالبان” عن قضايا الإعدامات، في وقت تثير قضية اللاجئين بشكل دائم وتشدد لهجتها في شأنها، لكن لم يسبق أن تطرقت إلى قضية الإعدامات، وهذا ما يفسّر انتقاد بعض الناس حكومة “طالبان”.
ويقول شفيع: “يجب أن تثير حكومة طالبان قضية الإعدامات إلى جانب قضية اللاجئين، وتطلب حضور ممثلين لها المحاكمات التي يخضع لها الأفغان”.
وكانت منظمة العفو الدولية أعلنت، في تقرير أصدرته قبل أسابيع، أن عدد عمليات الإعدام في إيران العام الماضي اعتبر الأعلى المسجل منذ عام 2015، ومثل زيادة بنسبة 48 في المائة عن 2022 و172 في المائة عن عام 2021. وقالت إن “موجة القتل تستمر هذا العام، وجرى تسجيل 95 عملية إعدام على الأقل حتى 20 مارس/آذار الماضي. وأعداد الإعدامات التي رُصدت ليست إلا الحدّ الأدنى، إذ نعتقد بأنَّ العدد الحقيقي أكبر”.