غسان شربل لـ’الوطن’: رحابة صدر البحرين توفر الفرصة لعلاج جروح الأمة العربية
الأحد 23 / 06 / 2024
وليد صبري
حكومة نتنياهو تشن حرباً وحشية على غزة تنذر بأمواج تطرف في المنطقة
تحويل الخرائط إلى صيغة تعايش بين دولة ضعيفة وفصائل قوية لا يمكن أن تنتج استقراراً
أخطر ما يحدث في المنطقة أن بعض الدول تتصدع وتتحول إلى ملاعب للتدخلات الإقليمية والدولية
لابد أن يكون هناك موقف عربي واقعي كي تستعيد الدول العربية المتصدعة قدرتها على القرار
تأمين الملاحة في البحر الأحمر مرتبط بالاقتصاد العالمي ووقف الحرب على غزة
لابد أن يكون هناك موقف عربي واقعي كي تستعيد الدول العربية المتصدعة قدرتها على القرار
أكد المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» غسان شربل أن «قمة البحرين كانت فرصة للقادة العرب لبحث توحيد الرؤى خلال المرحلة المقبلة»، منوهاً إلى أن «رحابة صدر البحرين توفر الفرصة لعلاج جروح الأمة العربية، والتي تحتاج إلى العلاج والتضامن»، مشيراً إلى أن «لدى الدول العربية مشكلات لم تتمكن سلسلة من القمم من معالجتها، حيث إنه لا يعقل أن تبقى مجموعة من الخرائط العربية نازفة، ولا يعقل أن نطالب بدولة فلسطينية مستقلة وهو حق مشروع فيما تخسر دول عربية وجودها بعد وحدتها».
وأضاف في حوار لـ«الوطن» أنه «يجب أن لا نستسلم لليأس، وأن نراهن دائماً على مقاربات واقعية تخمد النيران المشتعلة أو تحد من لهيبها وانتشارها»، كاشفاً أن «أخطر ما يحدث في المنطقة أن بعض الدول تتصدع وتتحول إلى ملاعب للتدخلات الإقليمية والدولية، فلا يجوز أن تبقى دولاً عربية مسرحاً لتدخلات قوى إقليمية أخرى»، مشدداً على أنه «من المهم أن نبدأ من حد أدنى مقبول في المعالجة وأن يسترجع العرب قرارهم على مستوى المنطقة».
وذكر شربل أن «الأسرة الدولية ترتكب خطيئة بعدم وقف حرب غزة»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز أن تبقى إسرائيل متمادية، خاصة وأن السلوك الإسرائيلي أكبر من قدرة أي دولة على الاحتمال بما في ذلك مصر، حيث انهمكت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدار سنوات طويلة في نسف أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة»، مؤكداً أن «نتنياهو يحاول اغتيال حلم الدولة الفلسطينية وتهجير أهالي غزة، كما أنه يضع العلاقات المصرية الإسرائيلية على مفترق طرق».
وقال رئيس تحرير «الشرق الأوسط» إن «تحويل الخرائط إلى صيغة تعايش بين دولة ضعيفة وفصائل قوية لا يمكن أن تنتج استقرار»، منتقداً «اهتمام إيران بإقامة علاقات مع الفصائل أكثر من اهتمامها بإقامة علاقات مع الدول العربية»، منوهاً إلى أنه «لابد أن يكون هناك موقف عربي واقعي ومساعد كي تستعيد الدول العربية المتصدعة قدرتها على القرار». وإلى نص الحوار:
كيف تقيمون رئاسة البحرين للقمة العربية الـ33؟
– انعقاد القمة في البحرين كان فرصة للقادة العرب لأن يجددوا التشاور حول هذه الكارثة المتمادية في قطاع غزة، وفرصة للبحث عن توحيد الرؤى حول المرحلة المقبلة، وأعتقد أن رحابة صدر البحرين توفر للقمة العربية الـ33 فرصة لكي يتصدى القادة العرب لموضوع غزة ولموضوعات كثيرة أخرى، وبالتأكيد، الأمة العربية جسد بجروح كثيرة، وكلها تحتاج إلى علاج، وكلها تحتاج إلى التضامن، وروح المصالحة، والمقاربات المسؤولة، إذ لا يعقل أن تبقى مجموعة من الخرائط العربية نازفة، في الوقت الذي نطالب به بوقف النزف في غزة، ولا يعقل أن نطالب بدولة فلسطينية وهي مطلب حق، فيما تخسر دول عربية أكاد أقول وجودها بعد وحدتها.
ما أبرز ما ميز قمة البحرين عن القمم الأخرى؟
– أعتقد أن ما ميز قمة البحرين هو الشهور الماضية التي شهدت هذه الأهوال في غزة، وشهدت أيضاً خطأ أو خطيئة ارتكبتها الأسرة الدولية، حين لم تتمكن من وقف هذا النزاع، وهناك أحاديث كبيرة وخطيرة، وهناك اعتقاد بأن إسرائيل لم تتخلَ عن رغبتها في تهجير الفلسطينيين، وأن سلوكها حتى في الضفة الغربية يزعزع الاستقرار، ويميز هذه القمة أيضاً أنها تنعقد على مسافة شهور قليلة من الانتخابات الأمريكية، وهذا عنصر مؤثر جداً في السعي إلى حلول، فخيارات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تختلف عن خيارات الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، والشهور الانتخابية في أمريكا ليست أفضل الشهور للحصول منها على موقف معتدل في مسائل الشرق الأوسط.
آمال كبيرة للشعوب العربية تتعلق بمخرجات قمة البحرين.. ما رأيكم في ذلك؟
– أنا من دعاة الواقعية في الآمال، لدينا مشكلات، لم تتمكن سلسلة من القمم العربية من معالجتها، واضطرت القمم العربية إلى التعايش مع جروح مفتوحة، في سوريا، وليبيا، وسابقاً في العراق، وجرح دائم في لبنان، بالإضافة إلى الجرح اليمني، والسودان، ولذلك يجب أن لا نستسلم لليأس وأن نراهن دائماً على مقاربات واقعية تخمد هذه النيران المشتعلة أو تحد من لهيبها وانتشارها، وأخطر ما يحدث في المنطقة أن بعض الدول تتصدع وتتحول إلى ملاعب للتدخلات الإقليمية والدولية. كان الليبيون يعتقدون أنه بغياب معمر القذافي سوف يحمل لهم السلام الدائم، غاب القذافي، وها هي ليبيا كما نرى، مقسمة، آمال كثيرة أحبطت لدى الشعوب العربية والمهم أن نبدأ من حد أدنى مقبول في المعالجة وأن يسترجع العرب قرارهم على مستوى المنطقة، ولا يجوز أن تبقى إسرائيل متمادية أو أن تبقى دول عربية مسرحاً لتدخلات قوى إقليمية أخرى مثل إيران وغيرها، صحيح أن العالم العربي له مصالح في أفضل العلاقات مع إيران وغيرها، لكن على قاعدة الندية، وعلى قاعدة أن تقيم قوات كل دولة داخل حدودها، من دون تدخلات أو وصايات.
كيف تنظرون إلى توتر العلاقات بين القاهرة وتل أبيب في الوقت الحالي؟
– أنا أعتقد أن السلوك الإسرائيلي أكبر من قدرة أي دولة على الاحتمال، بما في ذلك مصر، التي أقامت سلاماً مبكراً مع إسرائيل، حكومة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو انهمكت على مدار سنوات طويلة في نسف أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، حكومة نتنياهو شنت على غزة حرباً غداة «طوفان الأقصى» توصف بأنها «حرب وحشية» مشاهدها تنذر بأمواج من التطرف في المنطقة، مصر دولة معنية بالسلام في المنطقة، ومعنية أيضاً كدولة عربية كبرى بحقوق الفلسطينيين، وبأن يسود الأمن على حدودها مع غزة، وهي ترى كما ترى دول عربية كثيرة أن لا أمن ولا استقرار من دون دولة فلسطينية، وإذ بها تشاهد نتنياهو يحاول اغتيال حلم الدولة الفلسطينية ويحاول تهجير أهالي غزة، ويضع العلاقات المصرية الإسرائيلية على مفترق طرق.
كيف ترون الدور الإيراني في المنطقة؟ وما هو المطلوب من طهران من أجل إقامة علاقات طيبة مع دول الجوار؟
– الحقيقة أن التغيير الذي حصل في إيران منذ عقود كان أشبه بزلزال في المنطقة، ويجدر بنا أن نأخذ في الاعتبار أن موضوع تصدير الثورة يشكل بنداً ثابتاً في الدستور الإيراني، وعلينا أن لا نستغرب محاولات إيران لتصدير نفوذها أو نموذجها إلى الدول المجاورة، لكن من ينظر إلى الخارطة يرى أن الدول التي رابط فيها النفوذ الإيراني لم تستقر، وإنما تشهد باستمرار اضطرابات وقلاقل، والاستقرار يحتاج إلى دول، وتحويل الخرائط إلى صيغة تعايش بين دولة ضعيفة وفصائل قوية لا يمكن أن تنتج استقرار، ونلاحظ أن إيران اهتمت بالفصائل أكثر من اهتمامها بإقامة علاقات سلام مع الدول، يعني لم تعد، حيث منذ تدخلات إيران، لم تعد الدولة هي اللاعب الرئيسي، بل صارت من جملة اللاعبين، وأنا أعتقد أن الحل هو أن تسترجع هذه الدول قرارها، وأن يكون هناك موقف عربي واقعي ومساعد كي تستعيد هذه الدول العربية المتصدعة قدرتها على القرار.
كيف تقيم تدخلات إيران في 4 دول عربية؟
– لا شك في أن إيران حاضرة في القرار العراقي، ولها ربما حق النقض على القرارات العراقية، لكن شخصياً أرى أن قدرة السلطات العراقية قد زادت في الآونة الأخيرة، وفي سوريا، أعتقد أن سوريا يمكن أن ترجع تدريجياً إلى وضع تكون فيه السلطة السورية اللاعب الرئيسي على الأقل على أراضيها، لست متفائلاً بالوضع الحالي في لبنان، أو في اليمن، لأنني لا أرى تقدماً داخلياً نحو المصالحة ونحو وعي مختلف القوى السياسية لخطورة الأحداث.
ماذا عن تهديد الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر؟
– أعتقد أن موضوع البحر الأحمر، موضوع يعني الاقتصاد العالمي، ويعني الدول القريبة والبعيدة، والمفتاح حالياً يكمن في وقف الحرب في غزة، لأن وقف الحرب في غزة، سيكون النقطة الرئيسية التي ستمكن من الاهتمام بالجروح العربية المفتوحة.
كيف ترى دور «حزب الله» في لبنان؟
– «حزب الله» في لبنان لاعب رئيسي، أو إذا أردنا أن نكون أكثر دقة، هو اللاعب الرئيسي الوحيد، وهو أقوى من الدولة اللبنانية، وأقوى من الجيش اللبناني، والمهم، هو هل هناك صيغة لبنانية تمكن الدولة من استعادة سيطرتها وحضورها؟ وهل يقبل «حزب الله» الذي حولته الأحداث خلال العقد الماضي إلى ما يشبه القوة الإقليمية، فهل يقبل العودة إلى الإطار اللبناني الصرف؟ وهل يقبل بمؤسسات الدولة؟ على اللبنانيين التفكير في هذه المسائل لأن البقاء بلا دولة يفتح الباب على أخطار متزايدة.
يتحدث مراقبون ومحللون عن إمكانية عودة تيارات الإسلام السياسي مرة أخرى بعد السقوط الكبير لهم في الشارع العربي خلال المرحلة الماضية؟
– هناك تلوينات في التيارات، وهذا الموضوع يختلف باختلاف البيئات، وهناك لا تزال تيارات للإسلام السياسي تمارس نشاطات في بعض الدول، وتخوض الانتخابات أو تؤثر على نتائج الانتخابات، وهناك غياب لها في بعض الدول، أنا أعتقد أن مصير هذه التيارات يتوقف على عوامل كثيرة، منها، هل تنجح الحكومات في انتهاج سياسات تفتح باب الأمل أمام شعوبهم؟ وهل تتقدم في مسارات التنمية وفي مجال محاربة الفساد؟ وفي إشراك المواطنين في صناعة المستقبل؟ وفي تحسين التعليم؟ وفي خدمات الصحة؟ وبالتالي على الحكومات أن تعود إلى استقطاب المواطنين.