قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن الهند تقف بثبات في دعمها لإسرائيل خلال حربها في غزة، إذ تزودها بطائرات مسيّرة من طراز “هيرميس 900” تم تصنيعها في مدينة حيدر أباد، رغم الدعوات المتزايدة المؤيدة للفلسطينيين من سكانها المسلمين.
وقال الصحيفة إن المصنع، الذي أنشأته إسرائيل في حيدر أباد لتزويد الجيش الهندي بهذه الطائرات المسيرة، قام بتحويل 20 منها خصيصًا للجيش الإسرائيلي بسبب النقص الذي حدث خلال الحرب.
المصنع، وهو مشروع مشترك بين شركة الدفاع الإسرائيلية “إلبت سيستمز” (Elbit Systems) واتحاد الملياردير الهندي غوتام أداني، هو الأول في العالم الذي ينتج هذه الطائرات المسيرة خارج إسرائيل.
ومن المرجح أن هذا القرار الدراماتيكي قد تمت الموافقة عليه من قبل كبار المسؤولين في الهند، ويرجع ذلك على الأرجح إلى كون إسرائيل أحد موردي الأسلحة الرئيسيين لها.
وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة تنضم إلى تقارير أخرى تشير إلى أن الهند زودت إسرائيل بقذائف مدفعية وأسلحة منذ بداية الحرب، إذ أجمعت على أن هذه الشراكة الاستراتيجية مفيدة للغاية لإسرائيل.
لم تتخل الهند عن دعمها لإسرائيل رغم الضغوط المتعددة، لكنها تناور في بياناتها الرسمية فتتحدث عن دعمها لحل الدولتين، وضرورة إرسال المساعدات الإنسانية لغزة
ونقلت الصحيفة عن السفير الإسرائيلي السابق لدى الهند، دانييل كارمون، أنه قال، مشيرًا إلى الصراع العسكري الهندي مع باكستان في صيف عام 1999: “يذكرنا الهنود دائمًا أن إسرائيل كانت هناك من أجلهم خلال حرب كارجيل.. كانت إسرائيل واحدة من الدول القليلة التي وقفت إلى جانبهم وزودهم بالسلاح ولا ينسى الهنود هذا وربما يردون الجميل الآن”.
وقالت “يديعوت أحرونوت” إن الحرب في غزة وضعت العلاقة بين إسرائيل والهند أمام اختبار صعب، وهو الاختبار الذي فشل العديد من الحلفاء في اجتيازه.
وأضافت “خلال الساعات الأولى من يوم 7 أكتوبر، أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي دعمه لإسرائيل وأدان الإرهاب بشكل لا لبس فيه. وبمجرد أن حدد النغمة، أظهرت بلاده دعمًا غير مشروط لإسرائيل في الأشهر القليلة الأولى”.
وقد تغير هذا الموقف الواضح قليلًا مع دخول الهند الحملات الانتخابية للانتخابات التي جرت في البلاد في بداية الشهر، ويرجع هذا جزئيًا إلى أن ما يقرب من 15% من مواطنيها مسلمون، ومع ذلك لم تلغ السياسة العامة للحكومة الهندية الدعم عن إسرائيل، لكن تمت إضافة عنصرين إلى البيانات الرسمية، هما: دعم حل الدولتين بما يتماشى مع موقف الهند الثابت على مر السنين (اعترفت الهند بالدولة الفلسطينية منذ الحرب الباردة). والثاني: هو الدعوة لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، بما في ذلك إرسال الإمدادات الخاصة بها.
وامتنع مسؤولو الحكومة الهندية عن قول أي شيء سلبي عن إسرائيل خلال الأشهر الثمانية الماضية، بينما هاجمتها المعارضة بشدة.
احتجاجات ضد إسرائيل
وخرجت احتجاجات في جميع أنحاء الهند، خاصة في ولاية كيرالا، حيث اتخذ الحاكم بيناراي فيجايان، زعيم الحزب الشيوعي، موقفًا متشددًا ضد إسرائيل، بل وشارك في احتجاج في دلهي.
ومن وراء الكواليس، منعت الهند أو خفّفت من حدة القرارات ضد إسرائيل في المحافل الدولية مثل حركة عدم الانحياز ومجموعة البريكس (التي تضم روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا، وجميعها معارضة لإسرائيل).
ومع ذلك، مع استمرار الحرب وتزايد المشاعر المعادية لإسرائيل، أدركت الهند أنها تدفع ثمنًا دبلوماسيًا باهظًا. ولم تعرقل القرار الأخير ضد إسرائيل في حركة عدم الانحياز، لأنها لم تجد دولة أخرى تنضم إليها بالشكل المطلوب. عند هذه النقطة أعلن الهنود: كفى، لدينا مصالحنا الخاصة أيضًا. ولم تحتج إسرائيل، متفهمة الوضع الحساس، بحسب الصحيفة.
رغم ذلك، ترى “يديعوت أحرونوت” أن المشاعر العامة تجاه إسرائيل في الهند ليست واضحة تمامًا، إذ تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بتعبيرات الدعم لكلا الجانبين، وتنظم مسيرات مؤيدة لإسرائيل من حين لآخر. وتنتقد وسائل الإعلام الحرب بشدة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود مراسلين هنود في إسرائيل، وتعتمد وسائل الإعلام على وكالات أجنبية، ولكن يتم أيضًا نشر مقالات داعمة عن إسرائيل، على ما ذهبت إليه الصحيفة في تقريرها.
تشير الصحيفة إلى أن الهند تحافظ على علاقات وثيقة مع إيران. ويسمح الاتفاق الأخير الذي وقّعه البلدان للهند بتحديث ميناء تشابهار في إيران، مما يسمح بنقل البضائع إلى أفغانستان وآسيا الوسطى، متجاوزة منافستها باكستان.
في شهر آذار/مارس الماضي، زار مستشار الأمن القومي الهندي، أجيت دوفال، إسرائيل وناقش التطورات الإقليمية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
“كانت هذه الزيارة الوحيدة التي يقوم بها مسؤول هندي رفيع المستوى إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب، على الرغم من رغبة إسرائيل في استضافة زيارات تضامنية أكبر”، تقول الصحيفة.