نقلت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأربعاء، عن مصادر مطّلعة على سير المفاوضات، قولها إنّ كافة تفاصيل الصفقة بين إسرائيل وحركة حماس والوسطاء قد تم الاتفاق عليها، وأنّ إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن تنفيذ الصفقة، يعتمد فقط على التوقيت السياسي المناسب له. وأشارت الصحيفة إلى أنّ من بين التفاصيل التي تم الاتفاق عليها الحلول لـ”الصعوبات الأمنية” بالنسبة لإسرائيل، التي قد تنشأ عن الانسحاب من محور فيلادلفيا وعودة سكان شمال قطاع غزة إلى مناطقهم.
وأضافت الصحيفة أنّ التقديرات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، في الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء، تشير إلى أنّ نتنياهو يتجه نحو إبرام صفقة، لكنه لن يعلن عن ذلك في خطابه المرتقب اليوم في الكونغرس الأميركي. وقال وزير من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، لم تسمّه الصحيفة: “نتنياهو يريد صفقة تبدأ في أغسطس/ آب (القريب)، بحيث تمتد حتى بداية ولاية ترامب (الرئيس الأميركي السابق دونالد)”، في حال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، مضيفاً: “لذلك عندما يبدأ عهد ترامب، سيكون مريحاً أكثر بكثير، بدء المهمة في الشمال (في لبنان) وضدّ إيران”.
ويعتقد مسؤول كبير آخر في حزب الليكود، مثل معظم زملائه، أنه على عكس تهديداتهما، فإنّ الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش لن يتعجّلا حل الحكومة في حال إبرام صفقة. كما أن عطلة الكنيست التي تقترب قد تساعد نتنياهو على البدء بصفقة. وفسّر المسؤول الإسرائيلي التقديرات بشأن عدم مسارعة بن غفير وسموتريتش لحل الحكومة، بالقول إنّ “احتمال استئناف القتال بعد الدفعة الأولى (من الصفقة) مرتفع للغاية، وبالتالي لا يوجد سبب يدعو بن غفير أو سموتريش إلى مغادرة الحكومة. حماس تلقت ضربات مثل تصفية كبار مسؤوليها، وهي تخشى دخول ترامب البيت الأبيض”.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن نتنياهو يستعد لدخول ترامب إلى البيت الأبيض بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ويمكن القول إن أحد الأهداف التي يرغب في تحقيقها، في زيارته إلى الولايات المتحدة، هو التصالح مع المرشح الذي يتصدّر السباق الرئاسي، فيما اعتبر وزير من حزب الليكود أنّ “ترامب سيكون جيداً لإسرائيل، ولكن سيئاً لنتنياهو. وليس هناك شك في أنّ نتنياهو سوف يتملق له الآن، ليكسبه مجدداً”. وسبق أن عبّر ترامب عن غضبه من الطريقة التي هنأ فيها نتنياهو الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، بعد تفوقه على ترامب في الانتخابات الماضية 2020، واعتبر أنه ليس وفياً.
من جهته، رأى المحلل العسكري في ذات الصحيفة عاموس هارئيل، أنه في ظل انشغال الولايات المتحدة بقضايا من قبيل محاولة اغتيال ترامب وانسحاب بايدن والانتخابات، وبالتالي غياب الإصغاء الأميركي، فإنّ زيارة نتنياهو باتت عرضاً نرجسياً، لتوظيفه بشكل رئيسي في احتياجاته السياسية الإسرائيلية. كما أنها تسمح للزوجين نتنياهو (بنيامين وسارة التي ترافقه) برحلة نادرة إلى الخارج، على متن الطائرة باهظة التكاليف والتي لا داعي لها “جناح صهيون”.
وذكر مقرّبون من نتنياهو، وفقاً للكاتب، أنه لم يتخل عن الصفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وربما لم يتخل عن حلم التطبيع مع السعودية الذي كان قريباً من تحقيقه في اتفاق ثلاثي مع الولايات المتحدة عشية عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويبدو أن هدف تصريحات نتنياهو المتشددة، في الآونة الأخيرة، وفق هارئيل، “هو انتزاع المزيد من التنازلات من حماس، التي، بحسب الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك، تراجعت عسكرياً وتحتاج أكثر فأكثر إلى وقف لإطلاق النار. أما الفكرة فهي انتظار اختتام الدورة الصيفية للكنيست، بداية الأسبوع المقبل. وعندما يدخل الكنيست في عطلة، يصبح من المستحيل إسقاط الحكومة، وتصبح معارضة أحزاب اليمين المتطرفة في الائتلاف، مثل (القوة اليهودية) بزعامة بن غفير، و(الصهيونية الدينية) بزعامة سموتريتش، أقل أهمية”.
النعوش القادمة من غزة ستطارد نتنياهو
مع ذلك، يرى الكاتب أن عقبات صعبة ستنتظر نتنياهو، إذا اختار فعلاً طريق الصفقة. أولاً، إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، والذين قد لا يكون لإسرائيل أي حق حقيقي في نقض هوية كبار الأسرى منهم. وثانياً، “مع الافتراض الواقعي، بأن أكثر من نصف المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين) لدى حماس قد ماتوا بالفعل، فإنّ مشهد النعوش التي سيتم إعادتها من قطاع غزة سوف يظل محفوراً بعمق في ذاكرة الجمهور (الإسرائيلي)، وسوف يطارد نتنياهو نفسه، مع العلم أنه كان من شأن إدارة المفاوضات بشكل أكثر فعالية من جانبه، إعادة المزيد من المختطفين أحياء”.